وصلت رقعة العجوز
مصطفى شيخ مصطفى
=============
سار موكبُ الوزير يُحيط به الجند من كل جهة، يَحملون
الحراب والسي
سار موكبُ الوزير يُحيط به الجند من كل جهة، يَحملون
الحراب والسيوف، سار الموكب في طريقه المعتاد من منزل الوزير إلى دار
الوزارة، يُرافِق الوزير في كل يوم ابنه يُجْلِسه إلى جانبه، يريد له
الوزارةَ؛ فلا بقاءَ للإنسان، يريد له التدرُّب في شؤون الإدارة وتعلُّم
وإتقان شؤون الوزارة، يريد له الممارسة والتدريب؛ عَلَّه يتابع مسيرةَ
الوزير، هو وإياه على وصال دائم واتِّصال مُستمر، وعلى العادة يعترض
الموكب كلَّ يومٍ أصحاب الحاجات، فترفع إلى الوزير الرِّقَاع تحمل حاجات
أصحابها، ويزجر الحراس أصحابَها، فبعضها يصل إلى الوزير، وأغلبها لا يصل،
فهناك شابٌّ يحمل رقعة، وهناك شيخ يحمل رقعة، وهناك صبيَّة تَحمل رقعة,
تَملأ الرقاع المكان، وما أكْثَرَ أصحاب الحاجات! وتكثر الرِّقَاع في
أعوام الجدب وسنِي القحط.
وف، سار الموكب في طريقه المعتاد من منزل الوزير إلى دار
الوزارة، يُرافِق الوزير في كل يوم ابنه يُجْلِسه إلى جانبه، يريد له
الوزارةَ؛ فلا بقاءَ للإنسان، يريد له التدرُّب في شؤون الإدارة وتعلُّم
وإتقان شؤون الوزارة، يريد له الممارسة والتدريب؛ عَلَّه يتابع مسيرةَ
الوزير، هو وإياه على وصال دائم واتِّصال مُستمر، وعلى العادة يعترض
الموكب كلَّ يومٍ أصحاب الحاجات، فترفع إلى الوزير الرِّقَاع تحمل حاجات
أصحابها، ويزجر الحراس أصحابَها، فبعضها يصل إلى الوزير، وأغلبها لا يصل،
فهناك شابٌّ يحمل رقعة، وهناك شيخ يحمل رقعة، وهناك صبيَّة تَحمل رقعة,
تَملأ الرقاع المكان، وما أكْثَرَ أصحاب الحاجات! وتكثر الرِّقَاع في
أعوام الجدب وسنِي القحط.
يطل الوزير على ذوي الرقاع، فيراهم من علٍ، ويرى نفسَه سامية, يراهم أصحابَ حاجة، ورُبَّما رآهم أهلَ مذلة، ويرى نفسه صاحبَ مكانة ورفعة.
لم يرفع ابنه رقعة،
بل إليهما ترفع الرقاع، اعترضت مسيرةَ الوزير عجوزٌ تَحمل رُقعة، اقتربت
من موكب الوزير دَفَعَها الجنود والحُرَّاس فانكفأت بعيدًا، رآها الوزيرُ
وأبصرها، وأبصرها ابنه صاحب السعادة، فقلَّما كانت النساء ترفع الرقاع أو
تطلُب حاجة.
في اليوم الثاني واجهت
العجوزُ موكبَ الوزير واقتربت أكْثَرَ وأكثر، وكادت رُقعتها تصل إلى
الوزير، لكِنَّ كَوْكَبَةَ الحراس وسياطهم أقوى منها، فعادت من حيث أتت،
وجلست بعيدًا في طرف الشارع، أبصرها الوزير الكبير، وأبصرها الوزير
الصغير، وسار الموكب إلى دار الوزارة، ولكنَّ حاجة العجوز ملحَّة، ولكنَّ
حاجة العجوز ضرورية، فجهزت نفسها في اليوم الثالث،
وعَزَمت أن تصلَ رقعتُها إلى الوزير، أبصر الوزير العجوزَ قادمةً، وهاله
دأبُها وقوتُها، اخترقت صفوفَ الناس، ودنت من الموكب، وكادت يدُها تصل إلى
الوزير حاملةً رقعتها، دفعها أحدُ الحراس، كانت طريحة الأرض، وبدا شيء من
عورتها، ضَحِكَ الناس من حولها، وضحك الوزير ورهطه، وشارك في الضحك ابنه،
لَمْلَمَتِ العجوز نفسها وغابت.
في اليوم الرابع مرَّ موكب الوزير، وبقيت صورةُ العجوز في الذاكرة، العجوز على يمين الطريق، لم تكن تَحمل رقعة وما اقتربت، فما الذي حدث؟!
أوقف الوزير موكبَه، وقال لحاجبه: نادِ لي تلك العجوز الجالسة هناك.
♦ أُمَّاه.
♦ نعم، يا بني.
♦ يريدك الوزير.
♦ ماذا يريد مني الوزير؟
♦ وما أدراني؟
الوزير: أين رقعتك أيتها العجوز؟
♦ رَفعْتُها إلى مَن هو أعلى منك، وأشارت بيدها إلى السماء، تركها الوزير وانصرف إلى دار الوزارة.
عاد الوزير برفقة ابنه إلى منزله، وأوصدت الأبواب خلفه، ودخل سربه، يُحيط بمنزله الحراس، نام الوزير على عادته.
أحاط
رجالُ السلطان وجندُه بدار الوزير ليلاً، قبضوا على حُرَّاسِ الوزير
ودخلوا داره، أفاق الوزير من نومه، فعرف أن جندَ السلطان آتون لأخذه، أفاق
ابنه متوشحًا سيفه، ماذا هناك يا أبي؟
لا شيء يا بُنَيَّ، اغمد سيفَك، وصلت رقعة العجوز.
اقتيد الوزيرُ وابنُه إلى السلطان، فأوكل
السلطانُ بالوزير عدوَّه، وخَوَّلَه بالتحقيق معه باستعمال الدَّهاء
والقوَّة، فرأى العذاب وذاق الهوان، فأخرج الخمير والفطير، ونُخِسَ
بالحديد، وعُذِّبَ بالتنُّور، وفاضت روحُه، وهو يقول: "أصلح الله الوزير، وصلت رقعة العجوز".
مصطفى شيخ مصطفى
=============
سار موكبُ الوزير يُحيط به الجند من كل جهة، يَحملون
الحراب والسي
سار موكبُ الوزير يُحيط به الجند من كل جهة، يَحملون
الحراب والسيوف، سار الموكب في طريقه المعتاد من منزل الوزير إلى دار
الوزارة، يُرافِق الوزير في كل يوم ابنه يُجْلِسه إلى جانبه، يريد له
الوزارةَ؛ فلا بقاءَ للإنسان، يريد له التدرُّب في شؤون الإدارة وتعلُّم
وإتقان شؤون الوزارة، يريد له الممارسة والتدريب؛ عَلَّه يتابع مسيرةَ
الوزير، هو وإياه على وصال دائم واتِّصال مُستمر، وعلى العادة يعترض
الموكب كلَّ يومٍ أصحاب الحاجات، فترفع إلى الوزير الرِّقَاع تحمل حاجات
أصحابها، ويزجر الحراس أصحابَها، فبعضها يصل إلى الوزير، وأغلبها لا يصل،
فهناك شابٌّ يحمل رقعة، وهناك شيخ يحمل رقعة، وهناك صبيَّة تَحمل رقعة,
تَملأ الرقاع المكان، وما أكْثَرَ أصحاب الحاجات! وتكثر الرِّقَاع في
أعوام الجدب وسنِي القحط.
وف، سار الموكب في طريقه المعتاد من منزل الوزير إلى دار
الوزارة، يُرافِق الوزير في كل يوم ابنه يُجْلِسه إلى جانبه، يريد له
الوزارةَ؛ فلا بقاءَ للإنسان، يريد له التدرُّب في شؤون الإدارة وتعلُّم
وإتقان شؤون الوزارة، يريد له الممارسة والتدريب؛ عَلَّه يتابع مسيرةَ
الوزير، هو وإياه على وصال دائم واتِّصال مُستمر، وعلى العادة يعترض
الموكب كلَّ يومٍ أصحاب الحاجات، فترفع إلى الوزير الرِّقَاع تحمل حاجات
أصحابها، ويزجر الحراس أصحابَها، فبعضها يصل إلى الوزير، وأغلبها لا يصل،
فهناك شابٌّ يحمل رقعة، وهناك شيخ يحمل رقعة، وهناك صبيَّة تَحمل رقعة,
تَملأ الرقاع المكان، وما أكْثَرَ أصحاب الحاجات! وتكثر الرِّقَاع في
أعوام الجدب وسنِي القحط.
يطل الوزير على ذوي الرقاع، فيراهم من علٍ، ويرى نفسَه سامية, يراهم أصحابَ حاجة، ورُبَّما رآهم أهلَ مذلة، ويرى نفسه صاحبَ مكانة ورفعة.
لم يرفع ابنه رقعة،
بل إليهما ترفع الرقاع، اعترضت مسيرةَ الوزير عجوزٌ تَحمل رُقعة، اقتربت
من موكب الوزير دَفَعَها الجنود والحُرَّاس فانكفأت بعيدًا، رآها الوزيرُ
وأبصرها، وأبصرها ابنه صاحب السعادة، فقلَّما كانت النساء ترفع الرقاع أو
تطلُب حاجة.
في اليوم الثاني واجهت
العجوزُ موكبَ الوزير واقتربت أكْثَرَ وأكثر، وكادت رُقعتها تصل إلى
الوزير، لكِنَّ كَوْكَبَةَ الحراس وسياطهم أقوى منها، فعادت من حيث أتت،
وجلست بعيدًا في طرف الشارع، أبصرها الوزير الكبير، وأبصرها الوزير
الصغير، وسار الموكب إلى دار الوزارة، ولكنَّ حاجة العجوز ملحَّة، ولكنَّ
حاجة العجوز ضرورية، فجهزت نفسها في اليوم الثالث،
وعَزَمت أن تصلَ رقعتُها إلى الوزير، أبصر الوزير العجوزَ قادمةً، وهاله
دأبُها وقوتُها، اخترقت صفوفَ الناس، ودنت من الموكب، وكادت يدُها تصل إلى
الوزير حاملةً رقعتها، دفعها أحدُ الحراس، كانت طريحة الأرض، وبدا شيء من
عورتها، ضَحِكَ الناس من حولها، وضحك الوزير ورهطه، وشارك في الضحك ابنه،
لَمْلَمَتِ العجوز نفسها وغابت.
في اليوم الرابع مرَّ موكب الوزير، وبقيت صورةُ العجوز في الذاكرة، العجوز على يمين الطريق، لم تكن تَحمل رقعة وما اقتربت، فما الذي حدث؟!
أوقف الوزير موكبَه، وقال لحاجبه: نادِ لي تلك العجوز الجالسة هناك.
♦ أُمَّاه.
♦ نعم، يا بني.
♦ يريدك الوزير.
♦ ماذا يريد مني الوزير؟
♦ وما أدراني؟
الوزير: أين رقعتك أيتها العجوز؟
♦ رَفعْتُها إلى مَن هو أعلى منك، وأشارت بيدها إلى السماء، تركها الوزير وانصرف إلى دار الوزارة.
عاد الوزير برفقة ابنه إلى منزله، وأوصدت الأبواب خلفه، ودخل سربه، يُحيط بمنزله الحراس، نام الوزير على عادته.
أحاط
رجالُ السلطان وجندُه بدار الوزير ليلاً، قبضوا على حُرَّاسِ الوزير
ودخلوا داره، أفاق الوزير من نومه، فعرف أن جندَ السلطان آتون لأخذه، أفاق
ابنه متوشحًا سيفه، ماذا هناك يا أبي؟
لا شيء يا بُنَيَّ، اغمد سيفَك، وصلت رقعة العجوز.
اقتيد الوزيرُ وابنُه إلى السلطان، فأوكل
السلطانُ بالوزير عدوَّه، وخَوَّلَه بالتحقيق معه باستعمال الدَّهاء
والقوَّة، فرأى العذاب وذاق الهوان، فأخرج الخمير والفطير، ونُخِسَ
بالحديد، وعُذِّبَ بالتنُّور، وفاضت روحُه، وهو يقول: "أصلح الله الوزير، وصلت رقعة العجوز".
الأربعاء أكتوبر 19, 2011 2:03 pm من طرف اسماء
» إيقاظ الإيمان .. كيف ؟
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:26 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» دموع الصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:13 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» الرسول صلى الله عليه وسلم والصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:05 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» هنا من موقع التوبة أعلنها توبة لله
السبت أكتوبر 15, 2011 4:21 am من طرف اسماء
» قصة طفل عمره 3 سنوات والله المستعان
الجمعة أكتوبر 14, 2011 10:15 am من طرف اسماء
» فوائد الصرصور..اخر زمنـ صار لهمـ فوائد بعد..
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:40 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» ذابت قلوبنا من هم الدنيا
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:36 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» لا تجعل الله أهون الناظرين إليك [ ذنوب الخلوات ]..!!!
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:23 pm من طرف المشتاقة الي الجنة