إن كل إنسان يظل محتاجاً لقوة يقهر بها ضعفه ، ويستمد منها أثره ، وتشكّل حياته ومستقبله ، ويعبّر الإنسان عن هذه الحاجة في نفسه بتعبيرات كثيرة يبرز بعضها في كمية ما يأكل ، أو في نوعه ، ويبرز بعضها الآخر في انتسابه إلى مواقع رياضية لكسب هذه القوة من خلال التدريب والمران والممارسة ، وهذه بلا شكل من موارد اكتساب تلك القوة وتشكيلها في حياة الإنسان ، وتظل في دائرة المباح ما لم تتجاوز إلى غيره فتمنع .
وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم تذكيراً بهذه القوة ، وحثاً عليها ، ودعوة لاكتسابها كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير" قال النووي رحمه الله تعالى في شرح الحديث : وَالْمُرَاد بِالْقُوَّةِ هُنَا عَزِيمَة النَّفْس وَالْقَرِيحَة فِي أُمُور الْآخِرَة ، فَيَكُون صَاحِب هَذَا الْوَصْف أَكْثَر إِقْدَامًا عَلَى الْعَدُوّ فِي الْجِهَاد ، وَأَسْرَع خُرُوجًا إِلَيْهِ ، وَذَهَابًا فِي طَلَبه ، وَأَشَدُّ عَزِيمَة فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر ، وَالصَّبْر عَلَى الْأَذَى فِي كُلّ ذَلِكَ ، وَاحْتِمَال الْمَشَاقّ فِي ذَات اللَّه تَعَالَى ، وَأَرْغَب فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْأَذْكَار وَسَائِر الْعِبَادَات ، وَأَنْشَط طَلَبًا لَهَا ، وَمُحَافَظَة عَلَيْهَا ، وَنَحْو ذَلِكَ . اهـ
والملاحظ في عامة أوساط الناس انحصار مفهوم الحديث في القوة الظاهرة المكتسبة في ظاهر بدن الإنسان ، فتجد في الواقع أكثر الناس ممن لهم في ذلك الشأن أقوياً في البدن ، ضعفاء في الروح ، بل ربما كانت هذه القوة مصدر شقاء هذه الأجساد في كثير من الأحيان ترى ذلك في الواقع أكثر من أن تقدر على حصره .
وثمة معنى عظيم الأثر في تحقيق أثر الإنسان في الأرض ، وأكبر حادٍ له إلى صناعة المجد وأقوى الأسباب في تحقيق غايات الإنسان ، وبناء تاريخه في الدنيا ، هذا المعنى يغفل عنه الناس ، ولا يأخذ من حياتهم الحيّز الذي شغله معنى القوة الظاهرية في بناء أنفسهم ، وهو لا يكلفهم مالاً ، ولا يتطلّب منهم مجهوداً كما يتطلب منهم المعنى الأول ، ألا وهو معنى " الصلة بالله تعالى .
إن الصلة بالله تعالى تصنع في حياة الإنسان من النشاط والحركة والقوة والتأثير ما لا يصنعه بناء كمال الأجسام ولا سبيل للمقارنة بين المعنيين ، وأضرب لك لتقريب هذا المعنى الأمثلة التالية :
المثال الأول : حين أراد الله تعالى أن يرسل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغ الناس هذا الدين أبلغه وصية نافعة وأرشده إلى الطريق الذي يتحمل به أعباء الدعوة ، وشدد عليه في اعتناق ذلك المعنى بكل ما يملك " يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً " وكل ذلك كان من أجل البلاغ ، " إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً " كأن الله تعالى يقول به : إنه لا سبيل لك للقيام بهذه المهمة الشاقة الصعبة إلا بحسن الصلة ووطيد العلاقة وقوة الحياة في قلبك واستمدادك للقوة التي تحملك لبلاغ دين الله تعالى في الأرض . وكانت هذه الوصية فيما بعد هي زاد النبي صلى الله عليه وسلم الروحي والمعنوي الذي استوثق منه غاية وسعه فاستقبل بعد ذلك الدعوة وهو في أوج روحه وعطائه وجهده فذهب يعلي بها كلمة الله تعالى في الأرض ، وما رحل من الدنيا حتى سجل أروع صور التاريخ أثراً .
المثال الثاني : في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتِ الْعَمَلَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لها : « أَلاَ أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَتَحْمَدِينَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ » .
فتأمل هذه العلاقة بين شكوى فاطمة من الإرهاق الجسدي التي تتعرّض له كل يوم في بيتها وتأتي تسأل أباها عن ما يخفف تلك الآلام التي تعتري جسدها فلا يجد لها النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذه الوصية المعنوية الروحية يسلي بها خاطرها ، ويسل بها أثر تعبها وخدمتها ولولا أن لهذا الذكر فائدة كبرى في تقوية الإنسان على عمله وجهاده في الحياة لما كانت الوصية به في هذا المقام .
المثال الثالث : في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس و إلا أصبح خبيث النفس كسلان ".
فتأمل هنا في خاتمة قول نبيك صلى الله عليه وسلم " فأصبح نشيطاً طيب النفس " حتى تعلم أثر الطاعة في قلبك وجسدك وروحك ، وكيف أن هذا المعنى يكسبها قوة إضافية تجعلها قادرة على مغالبة كل الظروف والعراقيل التي تعترض الإنسان في حياته ، وتفسح له الطريق نحو التحليق للمعالي ، وكيف أن هذا المعنى إذا فُقد من حياة إنسان أصبح " خبيث النفس كسلان "
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في فوائد الذكر : الذكر قوت القلب والروح ، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته ، وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إلىّ وقال : هذه غدوتي لولم أتغذّ هذا الغذاء سقطت قوتي ، أو كلاماً قريباً من هذا . اهـ
وإني هنا أذكّر نفسي أولاً وأذكّر كل إنسان يريد أن يكون له مشروعاً كبيراً في الأرض أن يعنى بهذا المعنى في حياته ، وأن يصابر عليه ، وأن يصنع لنفسه ورداً ثابتاً من ذلك المعنى ثم يقطع على نفسه عهداً بأن لا يتخلّف عنه إلا في الحال التي يحال بينه وبينه ولا يجد طريقاً تلك اللحظة للاستمرار .
هذه دعوة إلى اعتناق القوة الخفية ، والحرص على معانيها ، والسعي إليها بكل ما يملك الإنسان من قوة ، وحين يصل أي إنسان إلى تحقيق هذا المعنى ويرابط عليه بقوة يصل إلى تحقيق أمانيه بأيسر جهد وأقرب طريق .
وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم تذكيراً بهذه القوة ، وحثاً عليها ، ودعوة لاكتسابها كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير" قال النووي رحمه الله تعالى في شرح الحديث : وَالْمُرَاد بِالْقُوَّةِ هُنَا عَزِيمَة النَّفْس وَالْقَرِيحَة فِي أُمُور الْآخِرَة ، فَيَكُون صَاحِب هَذَا الْوَصْف أَكْثَر إِقْدَامًا عَلَى الْعَدُوّ فِي الْجِهَاد ، وَأَسْرَع خُرُوجًا إِلَيْهِ ، وَذَهَابًا فِي طَلَبه ، وَأَشَدُّ عَزِيمَة فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر ، وَالصَّبْر عَلَى الْأَذَى فِي كُلّ ذَلِكَ ، وَاحْتِمَال الْمَشَاقّ فِي ذَات اللَّه تَعَالَى ، وَأَرْغَب فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْأَذْكَار وَسَائِر الْعِبَادَات ، وَأَنْشَط طَلَبًا لَهَا ، وَمُحَافَظَة عَلَيْهَا ، وَنَحْو ذَلِكَ . اهـ
والملاحظ في عامة أوساط الناس انحصار مفهوم الحديث في القوة الظاهرة المكتسبة في ظاهر بدن الإنسان ، فتجد في الواقع أكثر الناس ممن لهم في ذلك الشأن أقوياً في البدن ، ضعفاء في الروح ، بل ربما كانت هذه القوة مصدر شقاء هذه الأجساد في كثير من الأحيان ترى ذلك في الواقع أكثر من أن تقدر على حصره .
وثمة معنى عظيم الأثر في تحقيق أثر الإنسان في الأرض ، وأكبر حادٍ له إلى صناعة المجد وأقوى الأسباب في تحقيق غايات الإنسان ، وبناء تاريخه في الدنيا ، هذا المعنى يغفل عنه الناس ، ولا يأخذ من حياتهم الحيّز الذي شغله معنى القوة الظاهرية في بناء أنفسهم ، وهو لا يكلفهم مالاً ، ولا يتطلّب منهم مجهوداً كما يتطلب منهم المعنى الأول ، ألا وهو معنى " الصلة بالله تعالى .
إن الصلة بالله تعالى تصنع في حياة الإنسان من النشاط والحركة والقوة والتأثير ما لا يصنعه بناء كمال الأجسام ولا سبيل للمقارنة بين المعنيين ، وأضرب لك لتقريب هذا المعنى الأمثلة التالية :
المثال الأول : حين أراد الله تعالى أن يرسل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليبلغ الناس هذا الدين أبلغه وصية نافعة وأرشده إلى الطريق الذي يتحمل به أعباء الدعوة ، وشدد عليه في اعتناق ذلك المعنى بكل ما يملك " يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً " وكل ذلك كان من أجل البلاغ ، " إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً " كأن الله تعالى يقول به : إنه لا سبيل لك للقيام بهذه المهمة الشاقة الصعبة إلا بحسن الصلة ووطيد العلاقة وقوة الحياة في قلبك واستمدادك للقوة التي تحملك لبلاغ دين الله تعالى في الأرض . وكانت هذه الوصية فيما بعد هي زاد النبي صلى الله عليه وسلم الروحي والمعنوي الذي استوثق منه غاية وسعه فاستقبل بعد ذلك الدعوة وهو في أوج روحه وعطائه وجهده فذهب يعلي بها كلمة الله تعالى في الأرض ، وما رحل من الدنيا حتى سجل أروع صور التاريخ أثراً .
المثال الثاني : في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتِ الْعَمَلَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لها : « أَلاَ أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَتَحْمَدِينَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ » .
فتأمل هذه العلاقة بين شكوى فاطمة من الإرهاق الجسدي التي تتعرّض له كل يوم في بيتها وتأتي تسأل أباها عن ما يخفف تلك الآلام التي تعتري جسدها فلا يجد لها النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذه الوصية المعنوية الروحية يسلي بها خاطرها ، ويسل بها أثر تعبها وخدمتها ولولا أن لهذا الذكر فائدة كبرى في تقوية الإنسان على عمله وجهاده في الحياة لما كانت الوصية به في هذا المقام .
المثال الثالث : في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس و إلا أصبح خبيث النفس كسلان ".
فتأمل هنا في خاتمة قول نبيك صلى الله عليه وسلم " فأصبح نشيطاً طيب النفس " حتى تعلم أثر الطاعة في قلبك وجسدك وروحك ، وكيف أن هذا المعنى يكسبها قوة إضافية تجعلها قادرة على مغالبة كل الظروف والعراقيل التي تعترض الإنسان في حياته ، وتفسح له الطريق نحو التحليق للمعالي ، وكيف أن هذا المعنى إذا فُقد من حياة إنسان أصبح " خبيث النفس كسلان "
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في فوائد الذكر : الذكر قوت القلب والروح ، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته ، وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إلىّ وقال : هذه غدوتي لولم أتغذّ هذا الغذاء سقطت قوتي ، أو كلاماً قريباً من هذا . اهـ
وإني هنا أذكّر نفسي أولاً وأذكّر كل إنسان يريد أن يكون له مشروعاً كبيراً في الأرض أن يعنى بهذا المعنى في حياته ، وأن يصابر عليه ، وأن يصنع لنفسه ورداً ثابتاً من ذلك المعنى ثم يقطع على نفسه عهداً بأن لا يتخلّف عنه إلا في الحال التي يحال بينه وبينه ولا يجد طريقاً تلك اللحظة للاستمرار .
هذه دعوة إلى اعتناق القوة الخفية ، والحرص على معانيها ، والسعي إليها بكل ما يملك الإنسان من قوة ، وحين يصل أي إنسان إلى تحقيق هذا المعنى ويرابط عليه بقوة يصل إلى تحقيق أمانيه بأيسر جهد وأقرب طريق .
الأربعاء أكتوبر 19, 2011 2:03 pm من طرف اسماء
» إيقاظ الإيمان .. كيف ؟
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:26 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» دموع الصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:13 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» الرسول صلى الله عليه وسلم والصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:05 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» هنا من موقع التوبة أعلنها توبة لله
السبت أكتوبر 15, 2011 4:21 am من طرف اسماء
» قصة طفل عمره 3 سنوات والله المستعان
الجمعة أكتوبر 14, 2011 10:15 am من طرف اسماء
» فوائد الصرصور..اخر زمنـ صار لهمـ فوائد بعد..
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:40 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» ذابت قلوبنا من هم الدنيا
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:36 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» لا تجعل الله أهون الناظرين إليك [ ذنوب الخلوات ]..!!!
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:23 pm من طرف المشتاقة الي الجنة