[size=9]الإعجاز العلمي بالقرآن و السنة
القلب
العبادات في مجموعها ، وعلى اختلاف أنواعها وأشكالها تهدف إلى تطهير القلب من أمراضه ، وتحليته بالكمالات التي أرسلها الله له كي يسمو إلى خالقه ، ويسعد بقُربه ، وينعمَ بجنّتِه .
القلب له في جسم الإنسان المكان الأول ، وعليه في جميع الأمور المعول ، ولا عجب فهو القائد ، والجوارح جنود له وخدمٌ ، وهو الآمر الناهي ، والأعضاء أتباعٌ له وحشمٌ ، وحسبك فيه قول الله تبارك وتعالى:
]إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ [ق: 37]
والقلب حقيقة الإنسان ، ومن عجيب أمر الله تعالى فيه أنه جعل ببقاء قلب الجسد وصحتِه وانتظام عمله حياة الجسد ونشاطه ، وجعل بطهارة قلب النفس وسلامته حياة الروح وازدهارها .
والقلب هو الجانب المدرك من الإنسان ، وهو المخاطب ، والمُطالَب ، والمعاتَب ، وهو محلُّ العلم ، والتقوى ، والإخلاص ، والذكرى ، والحبِّ ، والبغض ، والوساوس ، والخطرات ، وهو موضع الإيمان ، والكفر ، والإنابة ، والإصرار ، والطمأنينة ، والاضطراب .
والقلب هو العالم بالله ، والمتقرِّبُ إلى الله ، وهو المقبول عند الله ، إذا سَلِم من غير الله ، وهو المحجوبُ عن الله ، إذا انشغل بما سوى الله ، وهو الذي يسعدُ بالقرب من الله ، ويشقى بالبعد عنه ، وقد رُويَ : ((عبدي طهَّرتَ منظرَ الخلقِ سنين ، أفلا طهّرتَ منظري ساعة)) ، والقلب هو منظرُ الربِّ ، ولا يفلح الإنسان ، ولا يطيب إلا إذا زكّاه ، ويخيب ، ويشقى إذا دنَّسه ، ودسَّاه .
إن فتَّشتَ عن أعجب ما خلقَ الله في السماء والأرض لم تجد أعجب ، ولا أروع ، ولا أدقَّ ، ولا أجمل من قلب الإنسان .
تصلح أوتاره فيفيض رحمة ، وشفقة ، وحباً ، وحناناً ، ومعاني لطافاً ، وشعوراً رقيقاً ، حتى يتجاوز في سموّه الملائكة المقرَّبين .
وتفسدُ أوتاره ، فينضحُ قسوة ولؤماً ، وسوءاً حتى يهوي إلى أسفل سافلين ، حوَى على دقّته كرةَ العالم ، فما أدقّه وأجلّه ، وما أصغره ، وأعظمه ، يكبر ولا نرى كِبَرَه ، فيتضاءلُ أمامه كل كبير ، ويصغر ولا نرى صِغره ، فيتعاظم عليه كل صغير .
اتّحد شكل القلب ، واختلفت معانيه ، فقلبٌ كالجوهرة ؛ صفا لونه ، وراق ماؤه ، وقلبٌ كالصخر قويٌ متين ؛ ينفع ولا يلمع ، وقلبٌ هواءٌ ؛ خفَّ وزنه ، وحال لونه ، يموتُ القلبُ ، ثم يحيى ، ويحيى ، ثم يموت ، ويرتفع إلى الأوج ، ويهبط إلى الحضيض ، وبينما هو يسامي النجوم رفعةً إذا هو يلامس الطاعة طاعةً ، أليس أعظم بناة العالم قد امتازوا بكبرِ القلب ، وصدق الشعور ، وقوة الإرادة ، فإن وَجَدَ الإنسان كلَّ شيء ، وفقدَ قلبه فإنه لم يجد شيئاً .
إنّ قلب الجسد من أعجب ما خلق الله ، إنه مضخَّةٌ مزدوجة تضخُّ الدم الذي يحمل الغذاء والوقود إلى كل خلية ، ونسيج ، وعضو ، وجهاز عن طريق شبكة من الأوعية يزيد طولها على مئة وخمسين كيلومتراً .
إنه يعمل منذ الشهر الثاني من حياة الجنين ، وحتى يأتي الوقت فإنه لا يغفل ، ولا ينسى ، ولا يسهو ، ولا يقعد ، ولا يكبو ، ولا يملُّ ، ولا يشكو ، بل يعمل دون راحة ، ولا مراجعة ، ولا صيانة ، ولا توجيه …
الإنسان بجبروته يؤذيه ، بنار الحقد يكويه ، وبالأحزان يبليه ، وهو أساس حياة الإنسان ، وشمس علمه ، عليه يعتمد في كلّ أعماله وأحواله ، ومنه تنبع كل قواه ، وحركاته .. وهو آلة خالقة ! لا يعرف التعب إليها سبيلاً ، تزداد قدرتها أضعافاً كثيرة ، لتواجه الجهد الطارئ ، إنها عضلة من أعقد العضلات ، بناءً ، وعملاً ، وأداءً ، وهي من أمتنها ، وأقواها ، تنقبض، وتنبسطُ ثمانين مرة في الدقيقة ، ويصلُ النبض في الجهد الطارئ إلى مئة وثمانين ، ويضخ القلب ثمانية آلاف لتر في اليوم الواحد ، أي ما يعادل ثمانية أمتار مكعبة من الدم ، ويضخ القلب من الدم في طول عُمُرِ الإنسان ما يكفي لملء مستودع بحجم إحدى ناطحات السحاب في العالم .
وينفرد القلب في استقلاله عن الجهاز العصبي ، فتأتمر ضرباته ، وتنتظم بإشارة كهربائية من مركز توليد ذاتي ، هي أساس تخطيطه ، وتتغذّى عضلة القلب بطريقة فريدة !!
ومن أعجب ما فيه دسّاماته المحكمة التي تسمح للدم بالمرور باتجاه واحد ، وهو مبدأ ثابت بالمضخّات .
إنّ القلب إذا سكنَ في قفصِهِ ، واستراح من غُصَصِهِ خلَّف وراءه جثة هامدةً ، كأنها أعجازُ نخلة خاوية ، لم ترَ لها من حياة باقية ، ولقد حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقُ المصدوق عن القلب بقوله الموجز : ((أَلا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً ، إذا صَلَحت صَلحَ الجسدُ كُلُّهُ ، وإذا فَسدَت فَسَدَ الجسدُ كُلُّهُ ، أَلا وهِيَ القَلْبُ)) -البخاري(52) ، مسلم(1599) ، ابن ماجه(3984) عن النعمان بن بشير - .
ورَحِمَ الله أحمد شوقي إذ يقول:
دَقّــــاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ لَهُ
إَنّ الحيـــــاةَ دقائقٌ وثَوانِ
فارفع لنفسِكَ قبل موتكَ ذِكرَها
فالذكرُ للإنســـان عمرٌ ثانِ
المصدر
كتاب موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسّنّة ((آيات الله في الإنسان)) للأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي
[/size]
الأربعاء أكتوبر 19, 2011 2:03 pm من طرف اسماء
» إيقاظ الإيمان .. كيف ؟
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:26 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» دموع الصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:13 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» الرسول صلى الله عليه وسلم والصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:05 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» هنا من موقع التوبة أعلنها توبة لله
السبت أكتوبر 15, 2011 4:21 am من طرف اسماء
» قصة طفل عمره 3 سنوات والله المستعان
الجمعة أكتوبر 14, 2011 10:15 am من طرف اسماء
» فوائد الصرصور..اخر زمنـ صار لهمـ فوائد بعد..
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:40 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» ذابت قلوبنا من هم الدنيا
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:36 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» لا تجعل الله أهون الناظرين إليك [ ذنوب الخلوات ]..!!!
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:23 pm من طرف المشتاقة الي الجنة