السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رسائل زوجتي
يوسف إسماعيل سليمان
[size=16]عدتُ اليومَ في السابعة مساءً إلى البيت، متأخرًا ساعتين عن موعدي المعتاد، صعدت إلى الطابق الخامس الذي تسكنه أمي مع أُختيَّ، فجلستُ معهم قليلاً، ثم نزلت إلى الطابق الثالث، حيث أقيم أنا وزوجتي وولدايَ الصغيران، وما أن دخلتُ حتى استقبلتْني زوجتي بوجهٍ لم أتعوده منها، فيه الضيق ممزوجٌ بألم وغضب، قالت كلمات ضايقتْني، ورددتُ بكلمات زادتْها غضبًا، علا صوتي وصوتُها، شعرت بضيق شديد، فاتَّجهت إلى باب الشقة غضبانَ، قائلاً لها دون أن أعطيها فرصة للرد: ربما لا أبيت هنا هذه الليلة، ثم صفَقتُ الباب خلفي، ونزلت إلى الشارع وأنا لا أعلم إلى أين سأذهب.
أخذتْني قدماي إلى أحد الميادين القريبة، ورحت أفكِّر فيما جرى، أكنت محقًّا في ثورة غضبي؟ ألم أكن مشتاقًا إليها قبل أن أدخل عليها؟! ألم أكن قد هيَّأت لها كلماتٍ حلوةً بعد تأخُّري عنها اليوم دون أن أتصل لأخبرها بأني سأتأخر؟! رُحْت أفكر في حياتي معها، التي كثيرًا ما أذاقتني فيها من شهدِ الحياة، والسعادةِ، والهناءِ - الكثيرَ، كم احتملتْ معي شدائد، وعبرْنا سويًّا أزمات! لماذا لم أصبر على بعض كلمات منها؟! آه! تبًّا للعتاب، وتبًّا للعناد! يكاد يجعلنا نخسر أفضل أحبابنا في بعض الأحيان، ولكن هل أنا المخطئ أو هي؟
ألم تكن تستطيع أن تنتظر ريثما أرتاح، ثم تتحدث فيما تشاء؟! أما كانتْ تقدر أن تنتظر حتى أتناول غذائي، ثم تعاتبني كما تحب؟! لا أدري كم مرَّ عليَّ من الوقت وأنا أفكر فيها، أو بالأحرى في نصفي الأجمل؟
نظرت في الجوال، فإذا الساعة هي الحاديةَ عشرةَ ليلاً، وإذا بثلاث رسائل على الجوال لم أشعر بها حين وصلتْني، سعدت كثيرًا بالرسائل قبل أن أقرأها، فقد تخيلتُ أنها من زوجتي، ولكنني فوجئت أن الرسالة الأولى هي من أختي الصغرى، فنظرت في التي تليها، فإذا هي من أختي الثانية.
هذه المرأة أغيب عنها أربع ساعات غاضبًا، فلا ترسل رسالة واحدة! اشتعل غضبي، ونظرت في الثالثة، فإذا هي من أخت زوجتي، والله هذه المرأة لا تستحق مني إلا ما فعلتُه وأكثر! لم تكن تستحق مني أبدًا تلك الكلمات التي كنت قد هيَّأتها لها، بئس الزوجة هي، كنت غاضبًا جدًّا، أهؤلاء يرسلن لي، ولا ترسل هي؟! مرَّت هذه الخواطر ببالي في ثوانٍ وأنا أفتح الرسالة الأولى، لأجد فيها:
آسفة حبيبي، لقد انقطع النور مذ خرجتَ من البيت، أرجوك عُد بسرعة إليَّ، نشعر بالخوف والقلق، لن آكل حتى تعود لأتغدى معك، أرجوك تقبَّل اعتذاري؛ فأنت حبي وحياتي وهنائي، أنا متلهفة إليك، نادمة على كل كلمة أغضبتك. زوجتك.
الآن تنفَّست الصعداء، ولكن لماذا لم تكتب لي الرسالة من جوَّالها؟! أليس معها رصيد؟ ربنا يستر، ما تكون أخبرت أُختيَّ وأُمي عما جرى بيننا، ثم فتحت الرسالة الثانية، وما كدت أفتحها حتى عدت للأولى؛ لأرى متى تم إرسالها، فوجدتُها أرسلتْها في السابعة والنصف، تعجبت وقلتُ: يعني معقول النور قطع بعدما تركت الشقة بعشر دقائق؟!
ثم عدت للرسالة الثانية، فوجدت مكتوبًا فيها:
ما زال النور مقطوعًا، أرجوك عُد، فلن أُغضبك بعد اليوم، يكاد الندم يلتهم قلبي وعقلي وروحي، أشعر بأني أكره نفسي حين أشعر أنك غاضب مني؛ بل أشعر أن نفسي تتنكَّر لي؛ لأني أغضبتك، عُد إلي لتحتضن عيونك عيوني، عُد إليَّ يا أوكسجيني الذي لا حياة لي من دونه. زوجتك.
كل هذه رسالة؟ يبدو أنك ستلتهمين رصيد أُختيَّ في اعتذارياتك، لكنها رسائل جميلة فعلاً، كنتُ قد قمتُ من مكاني دون أن أشعر ووجدتني سائرًا في طريق العودة، وقبل أن أفتح الثالثة، رأيت أن وقت إرسالها هو الثامنة والنصف.
الرسالة الثالثة:
حبيبي، أكرر اعتذاري إليك، وأستحلفك بالله أن تعود، أتحسب أنه يمكنني أن أنام بعيدًا عن دفء مشاعرك الحنون، بعيدًا عن رضاك عني، بعيدة عن نبض قلبك الطيب الذي يشعرني بالأمان، عُد أيها الحبيب الذي لا معنى ولا طعم لشيء في غيابك. حبيبتك زوجتك.
ما أن انتهيت من الرسالة، حتى وجدتني على مدخل العمارة؛ فقد ركبت تاكسيًّا، وعدت إليها راضيًا مغتبطًا، أريد أن أُقبِّل يديها الجميلتين اللتين خطَّتا هذه الرسائل الرائعة، طرقت الباب وكانت الساعة في يدي الحادية عشرة والنصف، وبينما أنتظر أن تفتح لي تذكرتُ أني نسيت إحضار بعض الشموع، وكدت أنزل، فلما فتحتْ دخلتُ فنزعتْ عباءتها وشالها، فإذا بها قد تهيأتْ لي أحسن تهيُّؤ، وقالت: هل سامحتني يا حبيبي؟!
فقلت: آه! تبًّا لي، لقد نسيت إحضار بعض الشموع.
نظرتْ إليَّ في حيرة وتعجب، وقالت: ولِمَ؟!
قلت: ألم تخبريني أن النور كان مقطوعًا؟!
ضحكتْ بدلال وقالت: ما أن تخرج يا حبيبي حتى يغيب عني الضياء، فلما عدتَ عاد الضياء.
نظرتُ إليها مندهشًا، وقلت: يعني تقصدين...؟
قالت في حياء: نعم، يعني أقصد.
أخذتُها في حضني طويلاً، ولفَّتْ هي ذراعيَها حولي تضمني، ثم قالت: لقد كدت أجن في غيابك، هيا تعالَ؛ كي تتناول طعامك، فأنت جائع منذ وقت طويل.
قلت لها: لقد أنساني جمالُ رسائلك الجوعَ والغضب، ولكن أخبريني أكان من الضروري أن يعلم إخوتي وأختك بما جرى بيننا؟
قالت في حزم: ثقْ بزوجتك يا حبيبي، صدِّقني لم يعلم أحدٌ بما جرى، ولولا خشيتي ألاَّ تفتح الرسائل التي ترى اسمي عليها، لأرسلت أضعافها من جوالي.
ثم أخذتْ بيدي إلى الطعام، وبِتْنا كأسعد زوجين.
[/size]
الأربعاء أكتوبر 19, 2011 2:03 pm من طرف اسماء
» إيقاظ الإيمان .. كيف ؟
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:26 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» دموع الصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:13 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» الرسول صلى الله عليه وسلم والصومال
الإثنين أكتوبر 17, 2011 1:05 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» هنا من موقع التوبة أعلنها توبة لله
السبت أكتوبر 15, 2011 4:21 am من طرف اسماء
» قصة طفل عمره 3 سنوات والله المستعان
الجمعة أكتوبر 14, 2011 10:15 am من طرف اسماء
» فوائد الصرصور..اخر زمنـ صار لهمـ فوائد بعد..
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:40 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» ذابت قلوبنا من هم الدنيا
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:36 pm من طرف المشتاقة الي الجنة
» لا تجعل الله أهون الناظرين إليك [ ذنوب الخلوات ]..!!!
الخميس أكتوبر 13, 2011 12:23 pm من طرف المشتاقة الي الجنة